المرجع الخالصي خلال خطبة الجمعة يسلط الضوء على مفهوم "الولاء والبراء" ويحذر من التناقضات السياسية في العراق
الخطبة الأولى: مفهوم الولاء والبراء في السلوك الإسلامي
تطرق المرجع الديني الشيخ جواد الخالصي (دام ظله) في خطبتي الجمعة في مدينة الكاظمية المقدسة، بتاريخ 6 جمادى الأولى 1446هـ الموافق لـ 8 تشرين الثاني 2024م، إلى مفهوم "الولاء والبراء" كركنٍ أساسي في الممارسات الإيمانية والتطبيقية للمسلم بعد اقتناعه العقلي والفكري والوجداني. وأوضح أن المسلم يبدأ سيرته الإيمانية بالتوحيد لله وشهادة رسالة النبي محمد (ص) والولاية لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، ثم يتولى الأئمة كأولياء، لكنه شدد على ضرورة تطبيق هذا التولي عملياً عبر مفهوم "الولاء والبراء" في الحياة اليومية.
وأشار الشيخ الخالصي إلى أن "الولاء" يعني اتباع الأئمة والتولي الكامل لهم، بينما "البراء" يتجسد في الابتعاد عن كل ما يخالف تعاليمهم أو يعاديهم أو يشوه أفكارهم أو مسيرتهم، سواء في الماضي أو في الحاضر. وبيّن أن المسلم يجب أن يتبرأ من كل كيان أو شخص يسعى لتشويه صورة الأئمة أو نشر الفساد والانحراف، موضحًا أن هذا المبدأ يظهر جليًا في مواجهة الأنظمة اللادينية "الكافرة" التي تعتمد على نشر الرذائل والانحراف، مثل الخمور والمخدرات والانحراف الأخلاقي والفساد الاجتماعي والسياسي والاغتيالات والإجرام.
وحذّر من الانخراط مع الأنظمة الغربية أو المجموعات السياسية التي تروج للفساد والجريمة، محملاً إياها مسؤولية الشرور الخطيرة التي تحدث في العالم اليوم. وخص بالذكر الانتخابات الأمريكية، واصفًا إياها بالصراع بين شخصيات "مجرمة" تتشابه مع رموز الجاهلية كأبي جهل وأبي لهب. واستشهد في هذا السياق بقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ) الممتحنة:13، مؤكداً أن الولاء للأعداء أو الترويج لجرائمهم أمرٌ محظورٌ على المسلمين ويجب رفضه بشكل قاطع. فضلاً أن يواليهم بأعماله وبسلوكه كما يفعل هؤلاء المبشرون بجرائم العدو وبقضاياها الخطيرة.
الخطبة الثانية: التناقضات السياسية في العراق ومواقف متضاربة
انتقل الشيخ الخالصي في الخطبة الثانية إلى الحديث عن التناقضات السياسية الخطيرة في العراق، مشيرًا إلى أن هناك تناقضاً في مواقف الدولة تجاه جريمة اغتيال قادة الحشد الشعبي الذين قُتلوا بواسطة طائرة مسيّرة. وأوضح أن هؤلاء القادة، الذين قُتلوا بواسطة طائرة مسيّرة، كانوا قد دخلوا البلاد بشكل رسمي لمساعدة العراق في مواجهة الإرهاب.
وتساءل الخالصي عن الموقف العراقي من هذه الجريمة، موضحاً أن مجلس القضاء الأعلى أصدر مذكرة اعتقال بحق الجاني، الذي اعترف علناً بارتكاب الجريمة عبر وسائل الإعلام. ولفت إلى أن هذا الشخص، الذي وصفه بـ"المجرم"، ترشح وفاز في الانتخابات الأمريكية، مما يخلق تناقضاً كبيراً في التعامل معه داخل العراق، إذ يُعتبر مجرماً مطلوباً للعدالة من جهة، ويتم تهنئته ومباركته من جهة أخرى، في تعبير عن خلل وتناقض سياسي واضح.
ووجه انتقاداً شديداً لتقديم التهاني لهذا الشخص، واصفًا ذلك بالتناقض في السياسة العراقية، وعبّر عن خلل في الرؤية السياسية للبلاد. وبيّن أن البعض يبرر هذا الأمر باسم "القضايا الدبلوماسية"، لكنه رفض هذا التبرير واعتبره غير صحيح، داعياً إلى ضرورة الحفاظ على حقوق الشعب العراقي وعدم التهاون مع هذه الجرائم.
استمرار المقاومة وتصاعد الصراع في فلسطين ولبنان
اختتم الشيخ الخالصي خطبته بالحديث عن تصاعد الحرب والأعمال الإجرامية التي تستهدف الشعب الفلسطيني والمقاومة في غزة والضفة الغربية، وامتدادها إلى لبنان، خاصة في الضاحية الجنوبية والمناطق الحدودية لفلسطين المحتلة. ورغم صعوبة الوضع، أعرب عن ثقته باقتراب النصر، مشيراً إلى أن الشهداء المقاومين هم ضمان أكيد لتحقيق هذا النصر، وخص بالذكر ذكرى أربعينية سيد شهداء المقاومة السيد حسن نصر الله (رحمه الله). وختم : (وإن غداً لناظره قريب)، متفائلًا بالنصر القريب.