خطيب مدرسة الامام الخالصي: أمريكا تحاكي طغيان عاد والمقاومة تمضي بوعد الله
في خطبتي الجمعة التي ألقاها الشيخ الدكتور علي عبد العزيز الجبوري، عضو الهيئة العلمية لمدرسة الإمام الخالصي، في مدينة الكاظمية المقدسة، بتاريخ 20 جمادى الأولى 1446هـ / 22 تشرين الثاني 2024م، تم التركيز على أبعاد إيمانية وسياسية عميقة مستوحاة من القرآن الكريم، مع تسليط الضوء على واقع الأمة الإسلامية اليوم.
الخطبة الأولى: صور من الإيمان والطغيان
افتتح الشيخ الجبوري خطبته الأولى بالإشارة إلى الأسلوب القرآني في تقديم صور متقابلة بين المؤمنين بالله وبين المنكرين المعاندين الذين يصدّون عن آياته. وأوضح أن المؤمن الحق هو من يلتزم بطريق الإيمان، بينما من يسعى وراء الدنيا ومغرياتها فإنه يسير في طريق الضلال والطغيان.
واستشهد الشيخ بقصة قوم عاد، الذين طغوا وتجبروا وظنوا أنهم لا يُقهرون، فجاءهم عذاب الله بغتةً في أيام نحسات، ليكون مصيرهم الهلاك والبوار. وربط هذا الدرس التاريخي بواقع اليوم، محذراً من أن أمريكا تسير على ذات النهج المتعجرف، مما يجعلها عرضة للسنن الكونية التي تُفضي إلى زوال الطغاة.
كما حذر الشيخ من ضعف الإيمان أمام مغريات الدنيا، مؤكداً أن الإيمان يتطلب استقامة على منهج الله وسنة نبيه. وأشار إلى أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اختصر مفهوم الثبات بقوله: "قل ربي الله ثم استقم". وبيّن أن الاستقامة لا تكتمل إلا بالالتزام بالعمل الصالح والإيمان الصادق الذي يرفع من قيمة الإنسان عند الله.
الخطبة الثانية: مواجهة الطغيان والمشروع الصهيوني
في الشق السياسي من الخطبة، تناول الشيخ الجبوري الممارسات الاستبدادية للطغاة في عصرنا الحالي، ممثلةً في أمريكا والمشروع الصهيوني. وأشار إلى الجرائم التي ترتكبها هذه القوى ضد الشعوب المستضعفة في فلسطين ولبنان واليمن وسوريا والعراق وإيران، حيث أصبحت أمريكا شريكاً مباشراً في القتل والتدمير من خلال دعمها العسكري والسياسي.
وأدان الشيخ استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد قرار وقف إطلاق النار في غزة، معتبراً ذلك دليلاً صارخاً على دعمها المستمر للكيان الصهيوني وحرصها على استمرار الجرائم بحق الأبرياء.
وفي المقابل، أثنى الشيخ على صمود أهل الإيمان والمقاومة الإسلامية الذين لم يتنازلوا عن حقوقهم وأرضهم، مؤكدًا أن هذا الصمود يمثل امتدادًا لقوله تعالى: "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا".
وأكد الشيخ أن المقاومة، رغم التضحيات الجسام، ثابتة على طريقها حتى تحقيق النصر، مذكّراً بوعد الله لعباده المخلصين بقوله: "تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون".
إشادة بقرار محكمة العدل الدولية
وإشادة الشيخ الجبوري بالقرار الصادر عن محكمة العدل الدولية بحق المجرمين الإسرائيليين بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت، واصفاً القرار بأنه انتصار للعدالة وصوت المظلومين. وأثنى على دور جنوب أفريقيا والدول التي دعمت هذا القرار، معتبراً ذلك خطوة إيجابية نحو محاسبة الطغاة على جرائمهم.
وختم بدعوة الأمة الإسلامية إلى الوحدة والثبات على نهج المقاومة، مؤكدًا أن دماء الشهداء هي وقود الانتصار، وأن تحرير فلسطين وعد إلهي لا محالة.
التعداد السكاني: حاجة وطنية وليست سياسية
و اختتم الشيخ الجبوري خطبته في الشأن العراقي، موضحاً أن إجراء التعداد السكاني يمثل حاجة وطنية وليست لها علاقة بالبعد السياسي، رغم بعض الشبهات والأصوات التي تحاول إفشال هذا المشروع. وأكد أن التعداد السكاني ضرورة لتحديد الاستحقاقات وتقديم الخدمات لأبناء المحافظات العراقية بناءً على عدد سكانها.
وأشار سماحته إلى أن الموقف من التعداد لا يرتبط بموقفنا من العملية السياسية وما جرى في العراق، بل هو ممارسة طبيعية تُجرى في كل الدول لتنظيم شؤونها. وأوضح أن التعداد يسهم في بيان حجم السكان وتوزيع الإيرادات المالية بين المحافظات بعدالة، ما يعزز استقرار البلاد ويخدم المصلحة العامة.