الرئيسية / المقالات / مقالات مختارة

  • الامام الشيخ مهدي الخالصي.. والوحدة الوطنية - عز الدين البغدادي

  • الامام الشيخ مهدي الخالصي.. والوحدة الوطنية - عز الدين البغدادي
    2023/04/17

    الامام الشيخ مهدي الخالصي.. والوحدة الوطنية

    عز الدين البغدادي

    ليس سهلا أن تكتب عن شخصية بمستوى المرجع الراحل الشيخ محمد مهدي الخالصي، فعطاء الرجل العلمي ومؤلفاته الكثيرة التي تتسم بانها نوعية وليست للكثرة ولا للمكاثرة، وهو الذي أدرك مبكراً خطر النزعة الأصولية المتشددة فكتب "عناوين الاصول". وهو الذي كان يؤمن بمنهج التيسير والتسهيل فكانت رسالته في "عدم نجاسة المتنجس" ورسالته في "تداخل الاغسال"، وهو الذي وقف سداً ضد من كانوا يطعنون في مذهب آل البيت فكتب "تصحيف المنحة الإلهية عن النفثة الشيطانية".

    وتاريخه الجهادي الذي كان واضحاً صادقاً، لم يكن مما يجاهد ليضغط على خصمه وليحصل على بعض المكاسب، بل كان ينطلق من وعي عميق بعمق إيمانه. وهو ما جعل معظم من عاصره ينظر إليه باحترام كبير بما فيهم خصومه..

    ولا أريد أن اتحدث عن تأثيره، وهو يعرفه خصومه جيداً، ويكفي أنه بعد أن نفي خارج العراق أصبحت المعارضة العراقية بلا قيادة كما ذكرت سجلات البلاط الملكي (ملف كربلاء والنجف ) تسلسل (3) صفحة (6) حيث تقول الوثيقة: منذ ابعاد الشيخ الخالصي عن العراق فإن القيادة السياسية للمعارضة لم تستطيع تحريك الرأي العام خلف أية قضية سياسية وحتى رجال الدين تقريباً انتهى دورهم بعملية النفي.

    ان ما اريد ان اتوقف عنده الآن ان هذا الرجال كان يحظى بقبول غير مسبوق وتأييد كبير من معظم طبقات المجتمع على اختلاف توجهاتها وأوضاعها. كانت علاقاته واسعة بكل الطوائف الدينية في بغداد وكربلاء ونواحي العراق كافة. لذا لا تستغرب أن يترك خبر وفاته ذلك التأثير الكبير في المجتمع. لذا فبعد أن توفي رثاه الشعراء على اختلاف اتجاهاتهم الفكرية وانتماءاتهم الاجتماعية، فقال الجواهري في رثاءه:

    قومي البسي بغداد ثوب الأسى        ان الذي ترجينه غيـــبا
    ان الذي كان سراج الحمى       يشع في غيهبه كـــوكبا

    بات على نهضة أوطانه         ما تهب الجمرة حتى خبا
    قومي افتحي صدرك قبراً له        وطرزيه بورود الربــــى
    ودرّسي نشأك تاريخه       فإن فيه المنهج الاصـوبا
    ردوا إلى اوطانه نعشه        لا تدفنوا في (فارس)(يعربا)
    شمس أضاءت هاهنا حقبة     وهي هنا أجدر أن تغربا

    أما جميل صدقي االزهاوي فقد قال عنه:

    فجعتنا حوادثُ الأيّامِ        بأبي الشعب حجّة الإسلام

    بمحبِّ الإسلام بالمصلحِ الأكبر        بالحبرِ بالعميدِ الهمام

    بعدَ أن فاضَ يملأ الأرض خصباً      غاض بحر يا للرزية طامي

    وهوى من علوّه في دوي      علم شامخ من الأعلام

    وقال معروف الرصافي:

    نعي الخالصي فارتجت الأنفس      حزناً مضرّجاً بحماسِه

    هو ذاكَ المهدي أحرز سبقاً      حين أجرى إلى الهدى أفراسه

    إن بكاه الدينُ الحنيف شجواً       فلأن كانَ ركنه وأساسه

    ولقد كانَ في العلومِ إماماً     حيثُ فيها انتهت إليه الرياسه

    كما كان للشاعر البغدادي المعروف عبود الكرخي دور في توثيق ذلك فقد كتب قصيدة جاء في مطلعها:

    يا بريطانيا اللئيمة اخلصي        واستقري مات مهدي الخالصي

    لذا لم يبعد الدكتور علي الوردي عن الحقيقة عندما قال: تحول الخالصي الى اسطورة بعد موته بعيداً عن الوطن.