في اربعينية السيد الشهيد نصر الله المرجع الخالصي يؤكد بأن المقاومة والكرامة خيار الأمة في مواجهة التحديات
شارك المرجع الديني الشيخ جواد الخالصي (دام ظله) بكلمة مؤثرة خلال مراسم تأبين أربعينية السيد الشهيد على طريق القدس، حسن نصر الله، والتي أقيمت في مجلس المرحوم العلامة الدكتور عبد الرزاق محي الدين، بتاريخ 3 جمادى الأولى 1446هـ الموافق 5 تشرين الثاني 2024م في بغداد.
وفي كلمته، تناول الشيخ الخالصي التحديات الكبيرة التي تواجه الأمة الإسلامية في الوقت الراهن، مشدداً على ضرورة استلهام الدروس والعِبر من مسيرة الشهداء، وعلى أهمية الاستمرار على نهجهم لتحقيق أهداف الأمة.
الصدمة والرضا بعد الخسائر
تحدث الشيخ الخالصي عن الصدمة الكبيرة التي يعاني منها المجتمع بسبب فقدان الشهداء، مشيراً إلى أن الألم الناتج عن هذه الخسائر قد يؤدي إلى الشلل والعجز، لكنّه لفت إلى أن الأمة يمكن أن تنتقل من حالة الصدمة إلى الرضا والقبول، مما يمكّن الأمة من التفكير في الخطوات المقبلة بعد كل حدث جلل.
الشهيد والنصر: شجاعة لا تُقهر
الشيخ الخالصي اقتبس من كلمات السيد نصر الله التي أكد فيها على مفهوم النصر والشهادة، حيث قال: "نحن لا نهزم. نحن ننتصر دائماً؛ إن استُشهدنا ننتصر، وإن انتصرنا ننتصر." مؤكداً انها تفسيراً للآية القرآنية: (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ)، مؤكداً ان احدى الحسنيين هي النصر أو الشهادة؛ وهما خيارا المؤمنين في معركة الحق.
تحذيرات من القيادة… رؤية استشرافية للمستقبل
وتحدث سماحته (دام ظله) عن التحذيرات التي أطلقها السيد الشهيد حسن نصر الله حوالي سنة 2019م بشأن صعوبة المعارك المقبلة، مشيراً إلى أنه قد لا يكون موجوداً في تلك اللحظات الحاسمة، حيث قال: "إن المعركة ستكون شديدة، ستكون ساخنة، ستكون قاسية، ولعلي لن أكون معكم؛ لا أنا ولا قيادة الصف الأول في حزب الله". مما يشير إلى ضرورة استعداد الأمة لمواجهة التحديات بعد رحيل القادة.
السيد حسن نصر الله - نموذج المقاتل من أجل الحرية
وصف الشيخ جواد الخالصي السيد الشهيد حسن نصر الله بأنه المقاتل الأول في سبيل الحرية وكرامة الإنسان، مؤكداً أنه كان رمزاً للنضال وأيقونة للأمل في إنقاذ البشرية من الظلام وعبودية الشيطان، نحو عبادة الله الواحد القهار. وقد أصبح شخصية محورية في الكفاح من أجل الإنسانية وكرامتها.
الوداع الصعب واستشهاد السيد نصر الله: عهد على مواصلة المسيرة
عبّر الشيخ جواد الخالصي عن حزنه العميق وحالة من الأمل بوجود بصيص أمل في أن السيد نصر الله قد يكون حياً، إلا أن اليقين باستشهاده غلب، وترك لله الأمر كله. استذكر كلمات من عاشوا اللحظات الأخيرة معه، وأكدوا استشهاده، معتبرًا أن الله اختار له مقام الشهداء وأراد له أن يرتاح من هموم الدنيا. استشهد بقول الشاعر: "جاورت أعدائي وجاور ربه .. شتان بين جواري وجواره"، ليؤكد مكانة الشهيد عند الله.
وشدّد الشيخ الخالصي على أن الأمانة العظيمة الآن تقع على عاتق أبناء الأمة، الملتزمين بالحق والكرامة، داعياً إلى مواصلة المسيرة وتحقيق أهداف الأمة.
المقاومة والدفاع عن الإنسانية
أكد الشيخ الخالصي على أن المدافعين عن غزة والقدس ليسوا محصورين في الدفاع عن مناطقهم فقط، بل يدافعون عن الأمة الإسلامية والإنسانية جمعاء. كما وأكد أن الأمة تواجه أخطر العصابات التي تهدد القيم الإنسانية، مشدداً على ضرورة الوحدة والوعي لمواجهة هذه القوى الشريرة.
كما استشهد بدعاء الرسول (ص) بالاستعاذة من فتنة المسيح الدجال، الذي يمثل نسخة مزيفة من الحق، داعياً إلى الصمود والتكاتف، مؤكداً أن أمانة الشهداء تتطلب من الجميع التزام الجهاد في سبيل الحق.
جرائم القوى الغربية وتاريخ عدائها للإنسانية
استعرض الشيخ الخالصي الجرائم التي ارتكبتها القوى الغربية خلال الحربين العالميتين، مشيراً إلى التناقض بين شعارات "حقوق الإنسان" وأفعال هذه القوى، والتي أودت بحياة حوالي 60 مليون شخص، معظمهم من الأوروبيين. ولفت إلى استخدام القنابل الذرية في هيروشيما وناغازاكي كدليل على وحشية تلك القوى. شدد الشيخ الخالصي على ضرورة الجهاد لحماية الإنسانية وكرامتها، محذراً من تكرار مثل هذه الجرائم بحق البشرية.
كما تطرق إلى تاريخ الجرائم الأمريكية، مؤكداً أن الولايات المتحدة كانت دائماً خصماً للأمة، واصفاً بريطانيا بـ"أم الخبائث" وأمريكا بـ"الفرع الأخبث". ودعا إلى الحفاظ على الإرث النضالي واتخاذ موقف حازم في مواجهة هذه القوى العدائية، مؤكداً على أهمية الصمود أمام هذه التحديات لحماية القيم الإنسانية.
العراق وموقفه من قضايا الأمة: دعوة لمراجعة السياسات
ومن جانب آخر، انتقد الشيخ الخالصي تقصير العراق في موقفه تجاه فلسطين ولبنان وقضايا الأمة بشكل عام، معتبراً أن المجاملات مع المحتل الأمريكي غلبت على المواقف الوطنية.
وأكد سماحته (دام ظله) على ان استقبال السفير الأمريكي أو السفيرة الأمريكية تعتبر مشاركة في الدماء المسفوكة ودليلاً على القبول الضمني بالعملية السياسية التي فرضها الاحتلال، واعتبر ذلك تعبيراً عن رفضه للعملية السياسية التي فرضها الاحتلال.
ضرورة الحسم: موقف واضح بين المقاومة والشيطان
شدد الشيخ الخالصي على أهمية اتخاذ موقف حاسم في هذا الزمن العصيب، مؤكداً أن الخيار واضح بين الحق والباطل؛ إما الوقوف مع المقاومة ومع الله، أو الانحياز للشيطان الأكبر كما وصفه الإمام الخميني. وأشار إلى أن الحياد في هذه المسائل يُعد شراكة مع الشيطان، داعياً الجميع إلى عدم السكوت عن الأزمة الجارية، ومؤكداً أن ذلك قد يكون بمثابة حكم النار. ودعا الشيخ الخالصي لمساندة قضايا الأمة بصدق ووضوح، واتخاذ موقف حازم ضد الهيمنة والاستعمار، ودعم المقاومة في مسيرتها نحو الحق والكرامة.
النصر والمقاومة: بوابة النصر للأمة
وخلال كلمته، أعرب الشيخ الخالصي عن فخره ببطولات المقاومين في فلسطين ولبنان، مشيراً إلى الضربات المتزايدة ضد الكيان الصهيوني من جنوب لبنان، والقذائف التي استهدفت دبابات الاحتلال في غزة. وأشاد بتلاحم قوى المقاومة من "حزب الله" و"حماس" و"الجهاد الإسلامي"، مؤكداً أنهم يمثلون الأمة والإسلام والإنسانية. كما عبّر عن اعتزازه بوحدة الصف بين الشيعة والسنة في هذه اللحظة التاريخية، التي تعكس صورة مشرقة لولادة جديدة للأمة في مسيرة النصر والتحرر.
استشهاد السيد حسن نصر الله: رمز يبكيه الشرفاء
أكد الشيخ الخالصي أن السيد الشهيد حسن نصر الله رمز يبكيه الشرفاء من أبناء الأمة، وليس من وصفهم بـ"الحثالات". وأشار إلى عائلات علمية كردية وعربية سنية أبدت حزنها العميق على استشهاده، مشدداً على أن القضية الفلسطينية هي قضية الشرفاء، ولا يلتف حولها إلا المخلصون.
بشارة الفتح: أمل بقرب النصر وخروج المهدي
اختتم الشيخ الخالصي كلمته ببشارة الفتح النصر المبين، مشيراً إلى أن مواقف العراق الداعمة للمقاومة في فلسطين ولبنان، إلى جانب صمود أبطال اليمن والجمهورية الإسلامية في إيران، تمثل علامات النصر الوشيك. وأعرب عن أمله في أن تكون هذه الأحداث بوابةً لخروج المهدي ونزول المسيح، مؤكداً ثقته بقرب النصر على الطغاة والظالمين، وداعياً الله أن يكمل نعمته على الأمة ويحقق لها الفتح المبين.