بين موقف المرجعية بالأمس وواجبها اليوم
بقلم: جعفر صادق الجبوري
رغم الأصوات التي تعالت لنصرة القدس في فلسطين، وكثرة الإدانات وإصدار البيانات، والتعبير عن المواقف الإيجابية والشعور بالمقابل، ورفع الأكف بالدعاء إحساساً بالمسؤولية وتعبيراً عن الأخوة الإسلامية، ومن مختلف شرائح المجتمع حول العالم بمختلف توجهاته، إلا أن المسؤولية تحتم علينا إلا نقف على هذا الحد.
وفي سِيَر مراجعنا وعلمائنا الماضين ما يضاعف علينا تلك المسؤولية وخصوصاً على من يقوم مقامهم اليوم.
وكمثال على ذلك من الماضي القريب تلك المواقف المشرقة لفقيد شهرنا هذا المرجع الديني الإمام الشيخ محمد مهدي الخالصي الكبير (طاب ثراه) عندما تعرضت بعض الدول الإسلامية للاعتداءات الخارجية.
فلما تناهت إلى أسماعه أخبار هجوم جيوش الطليان على طرابلس الغرب عام (1911م) هبَّ يستنهض همم المسلمين ويجنّد المتطوعين ويجمع الأموال للدفاع عن الأرض الإسلامية الطاهرة.
كذلك فعل رضي الله عنه وأرضاه يوم هاجمت روسيا القيصرية خراسان.
ولما وطئت أقدام الغزاة الإنكليز أرض العراق ونزلوا في الفاو هرع إلى تلبية واجب الدين والوطن، حيث قاد جيوش المتطوعين للذود عن الوطن وردِّ عادية المستعمرين بكلِّ شجاعةٍ وبسالةٍ.
من هذه السطور نستخلص عمق الشعور بالمسؤولية الملقاة على عاتق المتصدي لأمور المرجعية والقيادة الدينية، ليس في بلدته التي يسكنها فحسب، بل بكل أرجاء المعمورة وحسبهم في ذلك علي أمير المؤمنين (ع) القائل:)أَ أَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ، ولعل في الحجاز أو اليمامة من لا عهد له بالشبع أو لا طمع له بالقرص).
والغاية اليوم من كتابة هذه السطور ونقلها هو من باب الذكرى (فذكر إن نفعت الذكرى)، والتذكير بمواقف الرجال الأعلام الذين يحاول الإعلام طمس ذكرهم ومحو بطولاتهم! والأهم من ذلك هو إعلان الموقف من الحدث الأبرز الذي تعيشه الأمة اليوم (قضية فلسطين.
ختاماً: ما أحوجنا اليوم إلى قائد كالخالصي الكبير يتسامى عن الصغائر ويترفّعُ عن الأطماع ويعملُ لأجل الدينِ والوطن، ويتفانى في جمع الكلمة وتوحيد الصفوف بنزاهةٍ ونكرانِ ذاتٍ قلَّ نظيرهما.
ولا يسعني في هذا المقام الا أن أقول لك ما قاله فيك الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري:
الله يَجْزيكَ الجميلَ فكلُّ ما خلّفتَه في المسلمينَ جميل
المُعوِلاتُ عليك غُرُّ مكارمٍ قامت عليها رنّةٌ وعويل
وطَنْتَ نفسَك للصِعاب فذُللت إنّ الصعابَ يروضُها التذليل
وبذرتَ للأوطانِ أشرفَ بذرةٍ ستطول أفراعٌ لها وأصول
أعمالُك الغُرُّ الحسانُ خوالدٌ والمرءُ عن أعماله مسؤول
كن آمنا أن لا تضيع مَتاعبٌ سيُقيمُها التِمثالُ والتَّمثيل
مهّدْتَ للنَشءِ الجديدِ سبيلَه فليشكرنَّك بعد جيلِكَ جيلُ.
ليلة عيد الفطر /1442 للهجرة
#القدس_قضيتنا