(الثاني عشر من شهر رمضان المبارك) في ذكرى الخالصي
بقلم: باقر جعفر علي
مما لا شك فيه أن المرجعيات الدينية والروحية من أكبر الأجهزة فعّالية وقدرة في نشر الوعي وإيقاظ الشعوب وتوجيهها إلى طريق الصواب والرشاد. وذلك من أهم التكاليف التي عليها القيام بها والضلوع بمهامها؛ فسيرة الفقيه وأعماله تقرير لأصول الإيمان وبيان لآثاره في السلوك.
الفقيه المؤمن الصادق يرى أن الموت من أجل الإيمان حياة للأمة، والفرار من مواجهة أعداء الله من خونة وتابعين وطامعين وانتهازيين معناه الخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة.
ومما يحز في النفس أن يترك الفقيه هذه القضايا الأساسية والأصول التي عليها وبها تنال الأمة عزها وتحقق غاياتها إلى أمور هامشية وظاهرية وسطحية، ويسلم الأمور الجوهرية ويكلها إلى أذناب ومأجورين وأصحاب مصالح وغايات دنيئة.
الخالصي الكبير بشعوره الإسلامي وحسه الوطني الصادق أدرك أن الإنكليز وعلى عادتهم المألوفة ينشؤون دولا ينفخونها لتطير بسرعة كما قال شاعرنا احمد الصافي النجفي:
فيا دولةً شاخت وإن تكُ طفلةً وقد خرفت من قبل أن تبلغ الرشدا
وقد نفخت حتى تطير بسرعةٍ ولكنها انشقت من لدن نفخها اشتدا
غدت تدعي حريةً في كلامها ولكنها في فعلها تعبد العبدا
تروم بطب الغرب برءًا لدائها فيطعمها سمًا وتحسبه شهدا
أدرك الخالصي ذلك ببصيرته الثاقبة التي يمن الله بها على الصادقين من عباده؛ فالإنكليز تحت هذا الحجاب هم أصحاب القرار، يديرون البلاد على رغبتهم ووفقًا لمصالحهم.
نعم! أدرك الخالصي ذلك ورأى فيصلاً ملك العراق يتمادى في سيره الملتوي، فطلب منه أن يحقق الاستقلال الناجز للعراق، فلما تبين له عجز فيصل وتواطئه مع الإنكليز خلعه وخلع بيعته وأعلن أن لا بيعة له في عنق العراقيين. لمثل هذا فالتعمل المرجعيات وإلا فإن الذل والهوان نصيب العراقيين والفقر والمرض والحرمان ملازم لهم.
وأخيرا أقول للمخدوعين والمدّاحين والمنتفعين الذين يضفون الكرامات والمديح لأشخاص لا يهمهم من أمر الأمة شيء: (العاقل من يغلق فمه قبل يغلق الناس أسماعهم)