مسيرة العظماء لن تتوقف برحيلهم!
بقلم: جعفر صادق الجبوري
تمر علينا هذه الليلة (١٩ رجب ١٣٨٣هـ) الذكرى السنوية لرحيل الشيخ محمد بن الشيخ محمد مهدي الخالصي "رحمهما الله"
العالم الذي نشأ وهو يصرخ وينادي الإسلام، الإسلام. رافعًا شعار "الإسلام فوق كل شيء" عاملًا من أجل رضا الله واستقلال شعبه ووطنه، في زحمة التكالب واللهاث وراء مغريات الدينا واطماعها. ساعيًا الى الفوز برضوان الله تعالى في زمن توهم أهله بأن الفوز هو بلوغ الاهداف والاغراض الدنيوية!
وفي هذه الذكرى ودت أن أُطلع المتتبعين سواء من هم على خط الإمام الراحل أم غيرهم، على بعض سطور وصيته رحمه الله، ليدققوا وليتفحصوا جيدًا لماذا لم يكن سماحته يخشى شيئا ولا يهاب سلطانًا ظالمًا، بل ولا حتى الطائرات والدبابات والعابرات الى الكواكب كما بين في خطابه الشهير "أنا مسلم"
يقول رحمه الله مخاطبًا الموصى إليه:
«أما ما كان من أمر الدنيا وإن عاد نفعه إلى الآخرة إن شاء الله، فليعلم أني لا أملك من حطام الدنيا شيئا أبدا حتى اللباس الذي البسه فهو من الحقوق الشرعية والهدايا، فاللباس يوزع على الفقراء بإذن من الورثة، والدار التي أسكنها وأثاثها الذي فيها من صغير وكبير هي ملك طلق لزوجتي والدة مهدي ليس لي فيها شيء»
نستخلص من هذه السطور أن من ملك شئيًا من حطام الدنيا خاف عليه، ومن ملك الايمان والورع فقد ملك كل شيء دون أن يخيفه شيء.
وأن من كانت هذه سيرته حتمًا سيعيش الغربة في حياته ولربما بعد موته، فلو كان أمامنا الراحل رضوان الله عليه يملك العقارات والواسعة والسيارات الفارهة والدينار والدولار أو كان ممن، جيء به على ظهر دبابة ما لرأينا اليوم مجالس العزاء في ذكراه قد أشغلت مواقع التواصل الاجتماعي والمحطات الإعلامية على اختلافها، أو على الأقل لوجدنا شيئًا يدل على قبره عند دخولنا صحن الامامين موسى والجواد عيهما السلام، وهذا من العجب العجاب!!!
فإن من أهم الانجازات التي يجب أن يعمل عليها من يكون مسؤولاً عن إدارة العتبة في هذا الزمان أن يمنع من هم على خط هذا الامام من الدخول الى مسجدهم وأن لا يبقى ذكر للخالصي في صحنهم على حدّ تعبيرهم فرفعوا حتى الاسم الذي يدل على قبر صاحبه!!!
إي غربة هذه تلك التي تمتد الى ما بعد الرحيل؟
وأي نفوس تلك التي تحمل حقداً ممتدًا من سنين وسنين!!!
وهذا ما لم يتعرض إليه الاّ أئمة أهل البيت «سلام الله عليهم» حيث إنّ غربتهم «عليهم السلام» لم تقتصر على الفترة الزمنيّة الّتي عاشوها في حياتهم، بل استمرّت لعصور متمادية من بعدهم.
فتارة تخفى قبورهم وأخرى تُهدَّم، لكن ذلك لم يمحي ذكرهم!
كما أن سيرة العظماء من هم على شاكلة فقيدنا لم تنقطع برحيلهم، ولن تخفى سيرتهم!
وختامًا:
إن إحياء ذكرى الصالحين، لم يكن من أجل ذواتهم كأشخاص، وإنما من أجل القيم والمثل التي حملوها في نفوسهم مما جعلهم مشاعل نور يستضيء به من يريد السير الى الله تعالى والنيل من قربه، لذا يجب علينا أن ننظر إلى حياتهم كدرس وأسوة، لا كمجرّد ذكريات قيّمة وعظيمة حدثت في وقت معين وانتهت. وهذا لا يتحقّق إلّا بالاهتمام والتركيز على المنهج والأسلوب السياسي من سيرة هؤلاء العظماء باقتفاء أثرهم والسير بسيرتهم.
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ).
ج. ص. ج