الشيخ العبيدي يدعو من كربلاء إلى التواصي بالحق ومناصرة غزة
كربلاء المقدسة – حسينية الإمام الخالصي
في أجواء إيمانية يسودها الخشوع والتأمل، ألقى سماحة الشيخ حسن طعيمة العبيدي، عضو الهيئة العلمية في مدرسة الإمام الخالصي، خطبتَي صلاة الجمعة في حسينية الإمام الخالصي بمدينة كربلاء المقدسة، بتاريخ 21 صفر الخير 1447هـ الموافق لـ 15 آب 2025م، متناولًا في خطبتيه قضايا إيمانية واجتماعية ملحّة ترتبط بواقع المسلمين وتحدياتهم في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الأمة.
الخطبة الأولى: سورة العصر... قسمٌ ربّاني يختزل مصير الإنسان
افتتح الشيخ العبيدي خطبته الأولى بتفسير موجز ومعبر لسورة العصر، موضحًا أن هذه السورة القصيرة، رغم إيجازها، تحوي معاني عظيمة ترتبط بواقع الإنسان وتحدياته. وقال سماحته: "إن الله سبحانه وتعالى أقسم بالعصر، وهو رمز للزمن والدنيا، للدلالة على أهميته وخطورته، ثم قال: (إن الإنسان لفي خسر)، في إشارة إلى أن طبيعة الإنسان تؤول إلى الخسارة ما لم يتدارك أمره."
وبيّن الشيخ أن مظاهر الخسارة ليست مادية فقط، بل تشمل الصحة، والطاقة، والعلاقات الاجتماعية من أبناء وأقرباء وجيران. إلا أن الله جل وعلا وضع استثناءً محصورًا في قوله تعالى: (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).
وأكد الشيخ العبيدي أن هذه الفئة المستثناة – ممن يجمعون بين الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والصبر – هم الناجون من الخسارة؛ لأنهم أدركوا أن الدنيا مجرد "ممر إلى دار المقر"، فاستثمروا أعمارهم وأعمالهم لما فيه الخير في الدنيا والآخرة.
الخطبة الثانية: همّ المسلمين... امتحان حقيقي للإنسانية والإيمان
في الخطبة الثانية، استعرض الشيخ العبيدي حديث النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم: (من أمسى وأصبح ولم يهتم لأمور المسلمين فليس منهم)، مستنكرًا حالة الغفلة واللامبالاة التي تعيشها بعض فئات المجتمع تجاه الفقراء والمحتاجين والمستضعفين.
وأضاف: "في الوقت الذي يئن فيه الجياع والمحرومون، نرى من يعيش في الترف دون أن يشعر بآلام غيره، بل وربما يدّعي الإيمان والصلاح، مع أن الله تعالى يقول: (وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم)".
ودعا الشيخ الحاضرين إلى إحياء الضمير والمسؤولية الجماعية، والنظر بعين الرحمة إلى من حولهم، ومد يد العون للفقراء، واعتبر ذلك حقًا من حقوق الله في أموال الناس، لا فضلًا أو تكرمًا.
غزة... جرح الأمة الغائر ومسؤولية الدعاء والدعم
واختتم الشيخ العبيدي خطبته بالإشارة إلى قضية غزة الجريحة، قائلاً: إن ما تتعرض له غزة من حصار وتجويع وألم لا يمكن تجاهله أو السكوت عنه، وأضاف: "من الظلم الكبير أن تُترك غزة، حتى من دون دعاء... وإن لم يستطع أحدنا أن يوصل الماء أو الدواء أو الطعام لأهلها، فبإمكانه أن يُسهم بالمال أو حتى بالدعاء؛ فإن الدعاء سلاح المؤمن، ودعم للمقاومة وللثابتين في وجه العدوان."
وشدد سماحته على أن التفاعل مع قضية غزة واجب ديني وأخلاقي، داعيًا المصلين إلى عدم البخل بالدعاء، ومواصلة دعم الشعب الفلسطيني بكل وسيلة ممكنة.