المرجع الخالصي يدعو للثبات ويؤكد: شهادة القادة الكبار ضمانة نصر والمقاومة كشفت مراوغات العدو
مدينة الكاظمية المقدسة — المكتب الإعلامي
في خطبتي جمعة حملتا مزيجًا من الدروس الإيمانية والقراءات العلمية والتحليل السياسي المتناسق مع الاحكام الشرعية، دعا سماحة المرجع الديني الشيخ جواد الخالصي (دام ظله) خلال خطبتي الجمعة في مدينة الكاظمية المقدسة، بتاريخ 3 ربيع الآخر 1447هـ الموافق 26 سبتمبر 2025م، الأمة الإسلامية إلى الثبات في معركة الإيمان، مؤكدًا أن الصراع مع قوى الباطل قديم وأزلي، وأنّ ما جرى خلال السنتين الأخيرتين كشف الحقائق وفضح المتواطئين.
الخطبة الأولى: »ثبات الأمة: معركة الإيمان والاختيار الحضاري»
استهل سماحتهُ الخطبة الأولى بالتركيز على البُعد المعنوي للمواجهة، موضحًا أن المحور المركزي في هذه المعركة سؤال وجودي وحضاري: أيُّ دينٍ سيرتفع ويظهر؟ هل هو دين الإيمان، ودين الثبات، ودين الحق، ودين التوحيد، ودين الأخلاق والفطرة، أم دين الجاهلية والانحراف والضلال والفساد — الذي وصفه بـ«دين الشيطان ودين الدجال»؟
ثم شدد على حاجة الأمة إلى فهمٍ عميقٍ والتمسّك الصارم بمقوّمات الإيمان، مؤكدًا أن هذه المعركة «معركة إيمان متواصلة» وأننا الآن في صفحاتها الأخيرة الكبيرة التي قد تطول، وأنّ المطلوب من الأمة أن تثبت كما ثبت أهل غزة وفلسطين، كما ثبت المقاومون في لبنان، وكما ثبت المجاهدون في العراق. ونبّه إلى أن المجاهدين رفضوا الانصياع والخضوع، وأنّ الوقوف في جانب الحق كان خيارًا تاريخيًا وأخلاقيًا لا رجعة عنه.
وأكّد سماحته أن من وقف إلى جانب الحق لا يخشى الاغتيالات أو المؤامرات أو الاندساسات الداخلية، لأن قوة الإيمان ستجعل الأمة تواصل مسيرتها حتى تحقيق الآمال الكبرى بإذن الله تعالى. وبيّن أنّ الوقوف في وجه الظلم والفساد والتبعية والعمالة والاستعمار هو »الجانب الصحيح من التاريخ«.
وذكر أن الموقف هذا امتد منذ بداية الاحتلال ومنذ الاعتداءات على غزة بعد «طوفان الأقصى»، وأن المسيرات والوقفات السابقة ومسيرة اليوم تؤكد هذا الموقف القطعي والحتمي، الذي لا يمكن أن نتنازل عنه، هو موقف الإيمان، والجهاد، والشهادة في سبيل الله تعالى.
وقال: نحن نعتز بأن الله مَنَّ علينا بفضله أن وقفنا في جانب الحق، في الجانب الصحيح، وهو الجانب الصحيح من التاريخ. وقفنا في وجه الظلم، والفساد، والتسلّط، والتبعية، والعمالة، والاستعمار، والجاهلية، والإلحاد، والكفر، والشيوعية، وإلى غير ذلك.
كما اتذكر سماحته نصوصًا قرآنية لتوضيح سنن الجهاد والابتلاء في سبيل الحق، من بينها: (فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ). النساء:74، و(وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ..) آل عمران:146.
وأوضح أن هذا القتال ليس سيرة جديدة، بل امتداد لسيرة الأنبياء وصولًا إلى جهاد النبي محمد (ص) ودور أهل البيت (ع) في حفظ رسالة الحق، مستشهدًا بمواقف أمير المؤمنين (ع) وجعفر بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث وحمزة، الذين استشهدوا واحدًا تلو الآخر في معارك الإسلام المختلفة، إلى أن ختم أمير المؤمنين حياته بشهادته في خلافته العادلة الرحيمة بهذه الأمة.
الخطبة الثانية: »موازين المعركة: خسائرنا، مكاسب الأمة، ودعوة للعمل»
بعد أن استعرض سماحته في الخطبة الأولى الأبعاد الإيمانية للصراع، انتقل في الخطبة الثانية إلى قراءة ميدانية وسياسية معمّقة لما جرى خلال السنتين الماضيتين، مفسراً لحقيقة التضحيات التي قدمتها الأمة، مقابل المكاسب الكبرى التي تحققت على صعيد الوعي الشعبي والمواقف الدولية، مع استخلاص دعوات عملية للسياسة والمجتمع.
أولاً: الخسائر الجسيمة في الميدان
أوضح سماحته أنّ الأمة قدّمت تضحيات عظيمة، لخصها في نقاط بارزة:
ثانياً: مكاسب الأمة ومكاشفة العالم
رغم الخسائر، أكد سماحته أن المعركة كشفت الحقيقة وأثمرت نتائج عظيمة:
وجاء في كلامه: روح فلسطين لا تُقضى بالاعترافات المشروطة؛ فالروح الحيّة للأُمّة هي المقاومة والشعوب المجاهدة.
ثالثًا — دور الشهداء وضمانة النصر
أشاد سماحته بمواقف المقاومة اللبنانية، وصمود الشعب الفلسطيني، ووقفة أهل اليمن الأبطال، مؤكّدًا أن شهادة سيّد شهداء طريق القدس (رضوان الله تعالى عليه) كانت «ضمانةً للنصر»، لأنها تُجسّد أبلغ شهادة أمام الله والتاريخ. لقد أبى أن يبقى صامتًا أو ساكتًا شأنه شأن بقية الدول، وقال كلمته الخالدة: «ماذا سنقولُ لِله تعالى؟ وما الجوابُ الذي سنقدمه للتاريخ؟»، فبذل تلك التضحيات الجسام حتى ختم مسيرته بشهادته العظيمة المدوّية، التي ستبقى عنوانًا للنصر الأكيد بإذن الله تعالى.
رابعاً: دروس المواجهة الإقليمية
توقف سماحته عند بعض الأصوات من الجهّال، أو المتخلفين، أو المرتبطين، أو المسيّرين، من قبل العدو؛ التي تساءلت: لماذا جرت معارك في سوريا؟ فأجاب بوضوح:
1. إنّ الخلافات الداخلية لا يجوز أن تُضحّى بها على حساب الوفاق حول قضية الأمة الكبرى: مواجهة الصهيونية.
2. كشفت التجارب أنّ الهدف من إشعال الفوضى في سوريا كان تدمير القوات المسلحة السورية، وسلب السلاح من الجنوب السوري ليكون ارضاً منزوعة السلاح، وتحريك العملاء في داخل طوائف الشعب السوري، ورفع العلم الإسرائيلي... ولهذا دخل المقاومون تلك المعركة اضطرارًا، دفاعًا عن القضية المركزية.
خامساً: نداء إلى القادة والسياسيين
وختم سماحته خطبتي الجمعة بتوجيه خطابٍ مباشرٍ إلى قادة الأمة ودعوةٍ للتحرك العملي:
· الكلمات التي ألقيت في الأمم المتحدة من دول مثل العراق وإيران وتركيا وقطر ومصر حملت نبرة قوية وجيدة في كثير من الاحيان، لكنها تبقى عاجزة ما لم تتحول إلى أعمال.