المرجع الخالصي من الكاظمية: الجهاد فريضةٌ ثابتة على الأمة والشهداء ضمانة النصر
الكاظمية المقدّسة – المكتب الاعلامي
في خطبتي الجمعة من الكاظمية المقدسة، بتاريخ 17 ربيع الآخر 1447هـ / 10 تشرين الاول 2025م، أكد المرجع الديني الشيخ جواد الخالصي (دام ظله) أنّ الجهاد هو السبيل الثابت لاستعادة الحقوق والكرامة، مشددًا على أن دماء الشهداء تبقى الضمانة الأسمى للنصر. وقد تناول في خطبتيه أبعاد الجهاد من الناحية الشرعية والسياسية، ودور القيادات في حفظ مسار المقاومة.
الخطبة الأولى: «الجهاد في سبيل الله — أحكامه وثماره»
استهلّ سماحته الخطبة الأولى بالتأكيد على مكانة الجهاد في مسيرة الأمة، ووجوب فهمه في سياقه الشرعي والأخلاقي. وأوضح أن الجهاد ليس نزعةً عاطفية أو انفعالًا وقتيًا، بل هو أمرٌ إلهيٌّ له أسسه وغاياته، وأنّ التضحيات التي يقدّمها أبناء الأمة هي العاملُ الحاسم في تغيير المعادلات والواقع السياسي للعالم الإسلامي.
وفي هذا المقام ذكر سماحته حديثاً لأمير المؤمنين (عيله السلام) يشرح مقام الجهاد وكرامته، جاء فيه:
عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ: "أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَتَحَهُ اللَّهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ وَسَوَّغَهُمْ كَرَامَةً مِنْهُ لَهُمْ وَنِعْمَةٌ ذَخَرَهَا، وَالْجِهَادُ هُوَ لِبَاسُ التَّقْوَى وَدِرْعُ اللَّهِ الْحَصِينَةُ وَجُنَّتُهُ الْوَثِيقَةُ، فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ الذُّلِّ وَشَمِلَهُ الْبَلَاءُ". الكافي، الشيخ الكليني: 5/4.
وبيّن سماحته أن الجهاد مأمورٌ به من الله تعالى لأسبابٍ واضحةٍ ومعلَّلة شرعًا، وأنّ إدراك هذه الأسباب يساعد الأمة على توجيه تضحياتها نحو تحقيق الأهداف الشرعية والوطنية.
كما أوضح أن التضحيات والخسائر سنةٌ ماضية في كل طريقٍ نحو التحرر والكرامة، فالتاريخ يشهد بوجود خسائرٍ طالت المجاهدين كما طالت الأعداء، لكنّ معيار التقييم الحقيقي يجب أن يكون تحقيق الهدف؛ فالمسألة ليست في كثرة الخسائر بحد ذاتها، بل في ما تفضي إليه تلك التضحيات من نتائج فعلية على أرض الواقع.
وحدّد سماحته الهدف بوضوح: صون الشعب الفلسطيني في أرضه، وإزالة كوابيس الاحتلال والتمييز، وإفشال محاولات اقتلاع الأهالي وطردهم.
ونوّه بأنّ ثبات المجاهدين في أرضهم ونجاحهم في إحباط هذه المحاولات دليلٌ عمليّ على أن مسيرة الجهاد ثابتة ومستمرة.
الخطبة الثانية: «التبشير بالنصر ودور القيادات»
النصر كبند تاريخيّ ومستقبليّ
في الخطبة الثانية، بشّر سماحته باستمرار مسار الجهاد وببوادر النصر التي بدأت تلوح في الأفق، معتبرًا أنّ ما جرى من تطورات هو جزءٌ من صفحاتٍ مشرقة في تاريخ المعارك، وأنّ ما نشهده اليوم هو مدخلٌ لمرحلةٍ جديدة تتطلب الثبات والاستمرارية حتى تتحقق الحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني.
الشهداءُ ضمانةُ النصر
وأكد المرجع الخالصي أن الشهداء العظام الذين سقطوا في ساحات الجهاد هم ضمانةُ النصر، لأنّ دماءهم تشكل رافدًا روحيًا ومعنويًا يحرّك الأجيال ويثبت العزيمة.
وقال سماحته: "حفظُ ذكر الشهداء ورصُّ الصفوف خلف قضيتهم شرطٌ من شروط الانتصار."
حقوق الشعب وتحرير البلاد
وأشار إلى أن الجهاد لن يتوقف إلا بتحقيق الحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني، وبانكفاء الاحتلال عن الأراضي الإسلامية، وإزالة سيطرة الطاغوت من الأرض، مؤكدًا أن ذلك يتطلب مقارباتٍ عملية وسياسيةٍ تتكامل مع البعد المقاوم والميداني.
اتفاقية وقف إطلاق النار الأخيرة
وتطرّق سماحته إلى اتفاقية وقف إطلاق النار الأخيرة في غزة، مبينًا أنها ليست نهاية المعركة بل محطة ضمن سلسلة مواقف وصراعاتٍ طويلة.
ونوّه إلى دور القيادات في حفظ زخم المقاومة وتوجيهها نحو المسارات التي تحقق الأهداف الكبرى للأمة.
الإشارة إلى المسؤوليات الدولية
كما أدان المرجع الخالصي الأدوار الإجرامية لبعض القادة العالميين، وخصّ بالذكر ترامب وغيره ممن تورطوا في جرائم بحق الشعوب، مشيرًا إلى أنهم سيتحمّلون مسؤولياتهم أمام الله والتاريخ.
وأوضح أن انحياز العالم ضدّهم وتغيّر موازين القوة أجبرهم على التراجع، لكنّ الحقائق التاريخية ستظل شاهدةً على جرائمهم ومواقفهم المنحازة للطغيان.
الخاتمة: الثبات ووحدة الصف طريق النصر
اختتم سماحته خطبتي الجمعة بدعوةٍ صريحةٍ إلى الثبات والصبر على طريق المقاومة، وتكثيف الجهود السياسية والاجتماعية والدعوية جنبًا إلى جنب مع العمل الميداني.
وأكد أن العمل المتكامل والمتواصل هو السبيل الوحيد لتحرير الحقوق واستعادة الكرامة، داعيًا الأمة إلى وحدة الصف، وحسن التخطيط، والبصيرة الشرعية والسياسية في رسم الطريق نحو النصر بإذن الله تعالى.







