المرجع الخالصي في خطبة الجمعة:
الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم من ثوابت الإيمان الكبرى وهو الضرورة الجامعة لكلمة الأمة.. ومواجهة مخططات شياطين الصهاينة واجب مصيري لإنقاذ الإنسانية
الكاظمية المقدسة – المكتب الإعلامي
أقيمت صلاة الجمعة المباركة في مدينة الكاظمية المقدسة، بتاريخ 28 صفر الخير 1447هـ الموافق لـ 22 آب 2025م، بإمامة المرجع الديني سماحة الشيخ جواد الخالصي (دام ظله). وتناول سماحته في خطبتيه قضايا إيمانية وسياسية كبرى، شدّد فيها على أهمية التمسك بالأسوة النبوية الجامعة للأمة، وعلى واجب مواجهة المشروع الصهيوني الذي يهدد حاضر الأمة ومستقبلها، عبر أدوات العدوان، والتطبيع، والتفكيك، والإبادة.
الخطبة الأولى: الرسول الأعظم أسوة الإنسانية الجامعة، والحسين امتداد الرسالة ونهجها الخالد
استهلّ سماحة المرجع الخالصي خطبته الأولى بالتذكير بعظمة شخصية الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبدوره القيادي والإنساني الكامل، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة﴾.
وأوضح أن النبي الأعظم هو المرجع الأول والقدوة الأسمى، الجامع لشأن الأمة في كل قضاياها، ولا صلاح لها إلا بالرجوع إلى خطه الرسالي ومنهجه الشامل. ودعا المسلمين إلى تجاوز الخلافات والانقسامات، وتوحيد كلمتهم على قاعدة الاقتداء الصادق برسول الله، قولًا وفعلًا.
وفي هذا السياق، أشار سماحته إلى أن الإمام الحسين (عليه السلام) يُعد الامتداد الطبيعي لخط النبوة، وأن نهضته المباركة في كربلاء كانت صرخة واعية في وجه الانحراف، ودفاعًا عن جوهر الإسلام المحمدي الأصيل. كما اعتبر أن زيارة الأربعين هي تجديد للولاء الواعي، وتأكيد على أن نهج الحسين لا يزال حاضرًا في ضمير الأمة، وأنه امتداد حي للرسالة الخالدة.
وختم سماحته الخطبة بدعوة أبناء الأمة إلى أن يجعلوا من هذه المناسبات محطات للتجديد الروحي والفكري، والانطلاق نحو مشروع نهضوي موحّد، يستنير بسيرة النبي الأعظم، ويجسد قيمه في الواقع المعاصر.
الخطبة الثانية: مواجهة المشروع الصهيوني والتصعيد الوحشي في غزة.. وحماية الأمة من مخطط التفكيك والإبادة
في خطبته الثانية، استكمل المرجع الخالصي حديثه بالتأكيد على أن الاقتداء بالرسول لا يقتصر على الجانب الفردي أو الروحي، بل يشمل الموقف السياسي الواعي، وفي مقدّمته مواجهة المشروع الصهيوني الذي يسعى للهيمنة والتفتيت عبر القتل، والتجويع، والتطبيع، لا سيما في ظل الجرائم الوحشية الجارية في قطاع غزة، والتهديدات المستمرة التي تستهدف وحدة الأمة ومصير شعوبها.
تصعيد إبادي في غزة.. ومخطط تهجير ممنهج
توقف سماحته عند التطورات الكارثية في قطاع غزة، مديناً الجرائم الوحشية التي يمارسها الكيان الصهيوني اليوم أبشع أنواع الإبادة الجماعية بحق المدنيين العزّل، عبر القتل الجماعي والتجويع المتعمّد وتدمير البنية التحتية والمستشفيات والمخيمات، في إطار خطة ممنهجة تهدف إلى إفراغ غزة من أهلها وفرض واقع تهجيري قسري يخدم ما يسمى بـ"الدولة اليهودية الكبرى".
وأكد أن هذا العدوان لا يمكن فصله عن المشروع التوراتي الصهيوني الذي أعلن عنه رئيس وزراء الاحتلال، الـ"نتن ياهو"، حين تحدّث عن إقامة "إسرائيل الكبرى" على أنقاض البلاد العربية والإسلامية. واعتبر سماحته أن هذه التصريحات الكاذبة تعبّر عن إفلاس سياسي وأزمة وجودية يعيشها الكيان، وليست إلا محاولة للهروب من واقع الهزيمة التي يعيشونها.
التطبيع السوري وتحالفات مشبوهة
وفي جانب آخر، حذر المرجع الخالصي من اللقاءات التي جرت مؤخرًا بين مسؤولين سوريين ووفود صهيونية، معتبرًا أن هذه الخطوات كشفت حقيقة الكثير من التحركات التي جرت في سوريا في الفترة الأخيرة. كما رفض الطروحات التي تروّج لصفقات مشبوهة، كضم الجولان للاحتلال مقابل مكاسب جزئية، واصفًا إياها بأنها لعب بالنار وتفجير للمنطقة يخدم المشروع الصهيوني.
الدفاع عن المقاومة ونزع سلاح الأمة
وأكّد سماحته أن محاولات نزع سلاح الحشد الشعبي في العراق، والضغوط المستمرة على حزب الله في لبنان، ليست مجرد ملفات مرحلية، بل خطة مدروسة لإضعاف خط المقاومة وتجريد الأمة من آخر مقومات القوة، وجعلها لقمة سائغة للمحتل والمهيمن الأجنبي. وأضاف أن التاريخ أثبت أن كل قوة سلمت سلاحها كانت أول الضحايا، كما حصل في سوريا ولبنان وليبيا والعراق حين سلّمت الصواريخ العراقية ودمرّت امام المشهد العالمي.
وأشار في سياق حديثه إلى ما شهدته مناطق شمال العراق خلال هذه الأيام والأيام الماضية، مؤكّدًا أن ما جرى يبرهن بوضوح على أن الحلول التجزيئية المصطنعة لا تملك أي أفق مستقبلي، سوى التسبب في إيذاء الشعب، ونهب ثرواته، وجرّه إلى اشتباكات مرحلية خطيرة، كما تجلّى في الأحداث الأخيرة.
وفي هذا السياق، أوضح أن التاريخ الحديث يقدّم شواهد كثيرة على أن أي قوة عربية أو إسلامية تخلّت عن سلاحها كانت أول من دُمرت، كما حصل في سوريا ولبنان والعراق. وهذا يبيّن بوضوح أن المقاومة المسلحة الواعية هي الضمانة الأساسية لحماية الشعوب وصون الكرامة.
الحل الحقيقي: وحدة الأمة واستقلالها
وأكّد سماحته أن الحل لا يكمن في تبديل التحالفات أو القبول بالإملاءات، بل في بناء محور متكامل من دول وشعوب الأمة الإسلامية والعربية، يقوم على الثوابت الشرعية والأخلاقية، والوحدة السياسية والميدانية. ولفت إلى أن هذا المسار، المستنير بمنهج الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، هو السبيل لإنقاذ المنطقة من مؤامرات التطبيع، ومن شبح الإبادة والتفكيك الذي تفرضه الصهيونية العالمية.
الخاتمة: خط النبوة والمقاومة ضمانة المستقبل
وختم المرجع الخالصي خطبتيه بالتأكيد على أن الاقتداء بالنبي الأكرم ليس شعارًا نظريًا، بل نهج حياة وموقف مقاوم، وأن التمسك بخط النبوة والمقاومة هو الطريق الوحيد لصون الأمة من مشاريع الاحتلال، والتفتيت، والإبادة الجماعية التي نشهدها اليوم في فلسطين المحتلة، ولا سيما في غزة الجريحة.