الرئيسية / خطب الجمعة /

  • المرجع الخالصي: المقاومة تفرض معادلة النصر.. والكيان الغاصب يتآكل من الداخل

  • المرجع الخالصي: المقاومة تفرض معادلة النصر.. والكيان الغاصب يتآكل من الداخل
    2025/06/27

    المرجع الخالصي: المقاومة تفرض معادلة النصر.. والكيان الغاصب يتآكل من الداخل

     

    الكاظمية المقدسة

    في أجواء إيمانية عامرة، وعلى أعتاب العام الهجري الجديد، ارتقى سماحة المرجع الديني المجاهد الشيخ جواد الخالصي (دام ظله) منبر الجمعة في مدينة الكاظمية المقدسة، بتاريخ 1 محرّم الحرام 1446هـ الموافق لـ 27 حزيران 2025م، متناولاً في خطبتيه قضيتين محوريتين: الأولى تعبّر عن جوهر ثورة عاشوراء، والثانية تعبّر عن روح الصراع القائم في منطقتنا، إلى جانب مستجدات الساحة العراقية.

    الخطبة الأولى – من عاشوراء إلى فلسطين: دروس التاريخ لحاضر الأمة

    استهل سماحته خطبته الأولى بالحديث عن الهجرة النبوية الشريفة، باعتبارها بداية لمسيرة التحول الحضاري في التاريخ الإسلامي، رابطاً ذلك بدلالات شهر محرّم الحرام وما يحمله من رمزية للتضحية والنهضة.

    وأكد أن هذا الشهر – شهر الفداء والتضحية – ليس ذكرى عاطفية فحسب، بل محطة للتجديد واليقظة، مشيرًا إلى أن ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) لا تزال تمدّ الأمة بروح العزة والكرامة ورفض الظلم والثبات على المبادئ.

    وقال: "كل عام هجري جديد هو فرصة للعودة إلى الذات، وربط الماضي المضيء بالحاضر المليء بالتحديات؛ فثورة الطف لم تكن مشهداً عاطفياً، بل مشروع تحرّر شامل، وجسرٌ يُبنى عليه نهج المقاومة والتغيير."

    وربط بين دروس عاشوراء والواقع الراهن الذي تعيشه الأمة، خصوصاً في ظل المواجهة المستمرة مع الكيان الصهيوني، قائلاً: "كما واجه الحسين (عليه السلام) طغيان يزيد، فعلى الأمة اليوم أن تواجه طغيان العصر، المتمثل بالاحتلال والهيمنة وتواطؤ الأنظمة."

    وأضاف: "إنّ انتصار الحق على الباطل ليس رواية تُروى، بل هو مسار يُصنع، ومعركة تُخاض، وروح تُورّث عبر الأجيال."

    الخطبة الثانية – صراع وجود لا نزاع حدود

    في الخطبة الثانية، قدّم المرجع الخالصي رؤية تحليلية عميقة لطبيعة الصراع الدائر في المنطقة، مؤكداً أنه ليس خلافاً على النفوذ ولا نزاعاً على حدود مرسومة، بل صراع وجودي يستهدف اقتلاع الأمة من جذورها وهويتها.

    وأضاف: "هذا الصراع لا يُمكن أن يُقتلع فيه أصحاب الأرض، بل الدخلاء الذين جاؤوا من الخارج لتنفيذ مشروع الاحتلال والهيمنة، هم من سينتهي دورهم، لأن الأمة باقية في أرضها وهويتها."

    وقال: "الصراع اليوم يتجاوز الجغرافيا والسياسة، إنه معركة مصير ومواجهة بين مشروعين: مشروع الهيمنة والاستعباد، ومشروع التحرر والوحدة."

    وسلّط الضوء على المحطات المفصلية لهذا الصراع، من احتلال بيروت عام 1982، وما سبقه، إلى طوفان الأقصى، وصولاً إلى ملحمة غزة الأخيرة، التي وصفها بأنها "أمّ المعارك الحقيقية"، مشيراً إلى أن الكيان الصهيوني يمرّ بحالة تآكل داخلي رغم امتلاكه أدوات البطش والدعم الدولي.

    وأوضح أن الاحتلال أعلن ثلاث غايات من عدوانه الأخير: القضاء على البرنامج النووي الإيراني، تحجيم القوة الصاروخية للمقاومة، وإسقاط النظام الإيراني، ثم تساءل: "أيّ من هذه الأهداف قد تحقق؟"، ليجيب: "لا شيء منها تحقق، بل إن الوقائع تُثبت تصاعد قوة المقاومة وتراجع الكيان في كل جبهة."

    وأكد أن الانتصار الحقيقي لا يُقاس بالمظاهر الإعلامية ولا بالنتائج اللحظية، بل بمدى صلابة الوعي وصمود الإرادة، قائلاً: "الهزيمة لا تُقاس بما يُقال في الإعلام، بل بما يحدث في العمق؛ وعمق الكيان اليوم ينزف."

    وأضاف: "من يقيس النصر بعيون المقاومة، يدرك أن المعركة لم تنتهِ كما اكدنا من أول طوفان الاقصى، بل هي مستمرة، وأن توازن القوة يميل لصالح من يصمد أكثر، لا من يصرخ أولاً."

    العراق: السيادة، الاقتصاد، والدستور البديل

    في الشأن العراقي، دعا المرجع الخالصي أبناء الشعب إلى الضغط على الحكومة من أجل تأمين أموال العراق وسحبها من "الفيدرالي الأمريكي"، مؤكداً أن هذا الإجراء لا يستند إلى أي قانون دولي، بل فُرض زمن الاحتلال الأمريكي.

    وشدد على أن استمرار الحكومة بإيداع أموال الشعب العراقي طوعاً في حسابات أجنبية لا يُمثّل فقط تفريطاً بالسيادة، بل خيانة للأمانة التي أقسمت على صيانتها، متسائلاً عن أي شرعية تتيح ذلك في ظل غياب أي قرار دولي أو قانون مُلزم؟.

    ودعا إلى انشاء عملية سياسية وطنية جديدة بعيدة عن إملاءات الاحتلال، عبر انتخابات عراقية نزيهة تفرز دستوراً وطنياً خالصاً يقوم على مبدأ المواطنة، بلا محاصصة طائفية أو فيدرالية مشوهة، وينهي إرث الاحتلال السياسي والدستوري.

    واقترح في هذا السياق تشكيل تكتل وطني عابر للطوائف والأعراق، يتبنى إزالة إفرازات الاحتلال، ويعمل على تنظيم مرحلة انتقالية تبدأ بإخراج القوات الأجنبية، وإلغاء الاتفاقيات غير السيادية، وكتابة دستور جديد مستقل.

    كما دعا إلى تنويع مصادر التسلّح خارج الفلك الأمريكي، من خلال التعاون مع دول مثل إيران وروسيا والصين وباكستان، إضافة إلى تطوير الصناعات الدفاعية المحلية، ودعم الحشد الشعبي والمقاومة، وتعزيز القدرات الأمنية والاستخباراتية الوطنية.

    لا للتطبيع.. نعم لتجريم الصهيونية

    وفي سياق حماية السيادة الوطنية من الاختراقات الصهيونية، طالب سماحته بتفعيل قانون تجريم التطبيع، والعمل على تصنيف الصهيونية كحركة عنصرية تُخالف المواثيق الدولية.

    وختم بالدعوة إلى تبنّي "حل العودتين"، المتمثل في عودة الصهاينة إلى بلادهم الأصلية، وعودة الفلسطينيين إلى أرضهم، باعتباره الحل العادل والعملي، قائلاً: "الهجرة العكسية الأخيرة من فلسطين المحتلة تؤكّد أن هذا الحل بات ممكناً وواقعياً، بل وأقل تكلفة من جميع المبادرات المرفوضة."

     نهاية الحقبة الاستعمارية وبداية نهضة الأمة

    وفي ختام الخطبتين، شدّد المرجع الخالصي على أن الأمة الإسلامية تقف اليوم على أعتاب تحوّل تاريخي، مع تصاعد إرادة التحرر لدى شعوب المنطقة، وتهاوي منظومة الهيمنة الاستعمارية.

    وقال: "نحن في نهاية مرحلة استعمارية بغيضة، أرادت أن تفرّق الأمة وتنهب خيراتها، لكنها اليوم تترنّح تحت وقع الوعي والمقاومة."

    وأضاف: "وسنشهد قريباً، بإذن الله، نهاية هذا الكيان، وعودة الأرض المقدسة إلى أهلها، حين تتوحد الكلمة تحت راية الإسلام، ويتحقق وعد الله بنصر المؤمنين."

    01

    02

    03

    04

    05

    06