الرئيسية / خطب الجمعة /

  • المرجع الخالصي في خطبة الجمعة: القرآن يؤسس لوحدة الأمة… والمشروع الصهيوني خطر على الإنسانية جمعاء ومواجهته واجب مصيري

  • المرجع الخالصي في خطبة الجمعة: القرآن يؤسس لوحدة الأمة… والمشروع الصهيوني خطر على الإنسانية جمعاء ومواجهته واجب مصيري
    2025/09/12

    المرجع الخالصي في خطبة الجمعة: القرآن يؤسس لوحدة الأمة… والمشروع الصهيوني خطر على الإنسانية جمعاء ومواجهته واجب مصيري

     

    الكاظمية المقدسة – المكتب الإعلامي

    أُقيمت صلاة الجمعة المباركة في مدينة الكاظمية المقدسة، بإمامة المرجع الديني الشيخ جواد الخالصي (دام ظله) بتاريخ 19 ربيع الأول 1447هـ الموافق لـ 12 أيلول 2025م. وقد تناول سماحته في خطبتيه قضايا إيمانية وسياسية كبرى، ركّز فيها على الأصل القرآني الجامع لوحدة الأمة، وأكّد أن المشاريع الاستعمارية والصهيونية ما زالت تهدد وجودها ومصيرها، داعيًا المسلمين إلى رص الصفوف والتعاون العملي لمواجهة الأخطار المحدقة.

     

    الخطبة الأولى: الأمة الواحدة أساس القرآن ومعيارها التقوى

    استهل سماحته خطبته الأولى بالتركيز على مفهوم الأمة في القرآن الكريم، مبينًا أن الله تعالى دعا البشر جميعًا إلى اتباع منهاج الحق ليكونوا أمة واحدة، مهما اختلفت أعراقهم وأنسابهم وألوانهم، وجعل التفضيل على أساس التقوى، لا على أساس الخِلقة أو النسب أو العنصر.

    وأشار إلى أن هذا هو الأصل الإنساني الأكبر الذي تبحث عنه البشرية وتحاول الوصول إليه، وهو ما جاءت به رسالات الأنبياء، وخاتمهم النبي محمد(ص) الذي جعله أساسًا ومعيارًا للأمة الواحدة. واستشهد سماحته بقوله تعالى: (وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) المؤمنون:52، وقوله تعالى: (إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) الانبياء:92.

    وأكد المرجع الخالصي أن هذه الدعوة، وإن وردت في سياق الحديث مع الأنبياء، إلا أنها تؤكد لزوم اتباعهم في منهاجهم العظيم، ومنهج الأخوّة الإنسانية الشاملة، وهو ما ينبغي أن تتبناه أمتنا.

    وبيّن أن البشرية اليوم تقسمت وتجزأت بسبب الدعوات العنصرية الحديثة، سواء النازية في أوروبا، أو العنصرية الاستعمارية التي جسدت مقولة "تفوق العنصر الأبيض" على بقية البشر، ونهب خيرات الشعوب. بينما الإسلام نسف هذه المعايير الجاهلية، فقدّم بلال الحبشي على أمية بن خلف وأبي جهل، ورفع سلمان الفارسي على أبي لهب عم رسول الله (ص)، وفضّل عبد الله بن مسعود "روَيعي الغنم" على صناديد قريش، ليؤكد أن معيار التفاضل هو الإيمان والتقوى.

    وأضاف سماحته: إن قول النبي(ص): "لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود، إلا بالتقوى"، هو القاعدة الراسخة التي يجب أن يستند إليها المسلمون، مستشهدًا بالآية الكريمة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات:13.

     

    الخطبة الثانية: مواجهة مشاريع العنصرية والصهيونية والتأكيد على وحدة الأمة

    وفي الخطبة الثانية، أشار المرجع الخالصي إلى أن أعداء الإسلام والإنسانية يعملون على تكريس معايير زائفة للتفاضل تخالف ما جاء به الإسلام. كالفكر النازي القائم على تفوق "العنصر الألماني"، أو مقولة "رسالة الرجل الأبيض" التي رفعتها أمريكا وبريطانيا، أو الصهيونية التي تزعم أنها "شعب الله المختار"، وهي عنصرية حاقدة دمّرت الشعوب وتجرأت على القيم الإنسانية.

    وبيّن سماحته أن هذه الرؤى المنحرفة انعكست في جرائم الاحتلال المستمرة، من لبنان إلى الدوحة، ومن فلسطين إلى العراق، ومن سوريا إلى اليمن. ومن أبرزها استهداف قيادات حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، رغم تحالف بعض الاقطار القديم مع الكيان. وهذا ما يثبت أن الصهاينة لا يبالون بأحد ولا يحترمون أيَّ التزامٍ، ووصفهم بقوله: "وحوش كاسرة وشخصيات مريضة معقدة". وأوضح أن هذه الجرائم ليست دليل قوة، بل تعبير عن هزيمة محققة وهروب إلى الأمام.

    وفي هذا السياق، أشار المرجع الخالصي إلى قضية الهجوم العدواني على قيادة حماس، ودعوة قطر في الدوحة إلى قمة عربية إسلامية يوم الاثنين القادم. وقال: لو أن القمة التي عُقدت في الرياض بعد طوفان الأقصى طالبت بقطع العلاقات وسحب السفراء، لما وصلت المنطقة إلى هذا التدمير، ولما تجرأ العدو على قصف الدوحة في هذه العملية الإجرامية، إضافة إلى قصف لبنان واليمن وسوريا، حتى الدول التي لم تعد تشكل خطرًا كما يزعمون.

    وطالب سماحته القمة القادمة في الدوحة بأن تُعلن استنكار هذه الجريمة كسائر الجرائم، وأن تُسمّي إسرائيل بالعدو كما فعل رئيس الوزراء ووزير خارجية قطر، وأن يُصرّحوا بتسميتها بالعدو الصهيوني، وأن يسحبوا سفراءهم ويطردوا السفراء الإسرائيليين بعنوان قطع العلاقات، لإنهاء هذه المسرحية العقيمة التي استُغِلّت طويلًا.

    وأشار المرجع الخالصي إلى أن المشروع الصهيوني قائم على التفرقة والتسلط والهيمنة، ومعادٍ للإنسانية جمعاء، وللمسلمين والعرب وسائر شعوب المنطقة. وأكّد أن الدعم الغربي السياسي والمالي والأمني هو الذي يمدّه بالحياة، وأن تظاهر الغرب بقطع هذا الدعم لا يغيّر من جوهر الحقيقة.

    كما أوضح أن الولايات المتحدة أصبحت اليوم مسؤولة مباشرة عن هذه الجرائم، متسائلًا: أين الأموال المنهوبة؟ وأين المسؤولون عن هذه الانتهاكات؟، ومؤكدًا أن الأمة يجب أن تدرك أنه لا صلح مع الصهاينة، لا مع يسارهم ولا مع يمينهم، لأنهم يرون في الشعوب الأخرى عبيدًا لهم، بينما كانوا عبر التاريخ خدمًا للطغاة، من النازيين والبلاشفة، إلى موسوليني والاستعمار البريطاني.

    ودعا سماحته إلى توحيد صفوف الأمة لمواجهة هذه التحديات، معتبرًا أن ذكرى ولادة النبي الأعظم (ص) ترسّخ مبدأ وحدة الكلمة، وأن ذكرى الإمام جعفر الصادق (ع) تذكّر بمواصلة هذا النهج. وأشاد بمواقف القوى الثورية والمجاهدين الذين قدّموا أنفسهم شهداء على طريق القدس، مؤكدًا الدور المعروف لإيران، والاعتراض المتصاعد من تركيا، وضرورة تحويله إلى تعاون عملي ميداني مع قوى المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وسائر دول المنطقة.

    كما شدّد على أهمية أن تنضم دول الخليج ومصر وغيرها من الدول العربية إلى محور التعاون مع تركيا وإيران وباكستان وأفغانستان، ليكون هناك تحالفٌ فاعل قادر على مواجهة الموجة الخطيرة التي تهدد الأمة، داعيًا إلى الاستجابة لنداءات المقاومة في الأرض، والعمل بتوجيهاتها في ميدان الدعم والتنسيق والجهاد.

    وختم المرجع الخالصي خطبته بالتأكيد على أن طريق النجاة للأمة يكمن في الوحدة ومواجهة المؤامرات، مبتهلًا إلى الله تعالى أن يوفق المسلمين لرص الصفوف في مواجهة أعدائهم، وأن يحفظ العراق وسائر أوطان الأمة من مكائد المستكبرين.

    01

    02

    03

    04

    05

    06

    08

    07

    09

    10