المرجع الخالصي يدين العدوان على إيران ويؤكد انه لن يمر دون رد ويدعو لتعبئة الأمة ضد المشروع الصهيوني الأمريكي
المرجع الخالصي: ولاية الغدير تمنع مبايعة الظالمين وتُسقط شرعية الأنظمة الخاضعة للاحتلال
أُقيمت صلاة الجمعة المباركة في مدينة الكاظمية المقدسة، بإمامة المرجع الديني سماحة الشيخ جواد الخالصي (دام ظله)، وذلك يوم الجمعة 17 ذو الحجة 1446هـ الموافق 13 حزيران 2025م، حيث تناول سماحته في خطبتيه قضايا فكرية وتاريخية وسياسية، ربطت الماضي بالحاضر، موجِّهة الأمة نحو وعي نابع من نهج الإسلام الأصيل.
الخطبة الاولى: من الغدير إلى المباهلة: وحدة الرسالة واستمرارية الهداية
استهل سماحته خطبته الأولى بالتأكيد على ضرورة فهم سيرة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) كوحدة متكاملة لا كأحداث متفرقة، مشيراً إلى أن فرائض الإسلام، كالصلاة والجمعة والحج، ترتبط جميعها برسالة توجيهية واحدة، من أبرز تجلياتها ما جرى في يوم الغدير.
وبيّن أن دعوة النبي (صلى الله عليه وآله) للمسلمين في حر الهجير عند غدير خم لم تكن اجتهاداً شخصياً، بل أمراً إلهياً يعلن من خلاله ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ضماناً لاستمرار الهداية ومنعاً لانحراف الأمة. وقد تبع هذا الحدث عام الوفود، ومنه الحوار مع نصارى نجران، وما جرى في المباهلة، وكلها شواهد على وحدة الرسالة.
وأكد أن هذه الأحداث تشكّل جزءاً من المشروع النبوي الذي يهدف إلى ضمان الثبات على طريق الإسلام الصحيح. ومن هنا جاءت وصية النبي (صلى الله عليه وآله): "إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي"، مشدداً على أن النجاة مرهونة بالتمسك بهذين الأصلين.
وأوضح المرجع الخالصي أن النبي كان حريصاً على هداية أمته، كما وصفه القرآن الكريم: "عزيز عليه ما عنتم، حريص عليكم، بالمؤمنين رؤوف رحيم". وقد قال: "أنا فرطكم على الصراط"، أي أنه يتقدم أمته ليشفع لها، وقال: "أنا حجزكم كما يحجز الإنسان الفراشة من السقوط في النار إذا اشتعلت النار"، أي أنه يحول بين أمته وبين الهلاك.
وعليه، فإن الواجب اليوم هو الالتزام بوصاياه، والثبات على منهج الحق، وعدم التفريط بأحكام الشريعة أو الاستعاضة عنها بأفكار دخيلة أو شعارات خادعة. فالغدير ليس مجرد ذكرى، بل معيار للفصل بين الولاء للمؤمنين والبراءة من الطغاة والمستكبرين.
كما أكد سماحته أن من يؤمن بيوم الغدير لا يمكن أن يمنح الولاء والبيعة لأعداء الدين، أو لمن يقفون في صف المحتل والكافر والفاسق، بل إن الولاية الحقّة لا تكون إلا لمن يحمل صفات العدل والإيمان، ويجسد منهج الإسلام الأصيل.
الخطبة الثانية: الولاية والواقع السياسي: بين الانحراف المعاصر وأمل المواجهة
في خطبته الثانية، تناول سماحة المرجع الخالصي الواقع السياسي الراهن، منتقداً الأنظمة المتحالفة مع المحتل، ومحذراً من الانخداع بمشاريع زائفة تُفرض باسم الديمقراطية.
وأكد أن الانتخابات في ظل الاحتلال ليست سوى وسيلة لشرعنة التبعية، وأن المشاركة فيها تعني تقديم الولاء لأناس غير مؤهلين في أغلبهم، حتى وإن وُجد من بينهم من يُوثق به، فإنهم لا يملكون التأثير الكامل ولا القدرة على التغيير الحقيقي، وممن لا يحمل مشروعاً إسلامياً حقيقياً، وغالبهم يخضع لإرادة المحتل وينفذ أجنداته.
وفي هذا السياق، أشار إلى أن مبدأ الغدير يمنع مبايعة من لا يلتزم بمنهج الإسلام، خاصة من يتعاونون مع القوى الأجنبية التي تسعى للتحكم بمصير الأمة. فالولاية الحقة لا تُمنح إلا لمن يتصف بالعدل والإيمان.
وشدد على أن روح الغدير، التي تدعو إلى التوحيد والحق، لا تتوافق مع الطائفية أو الحزبية أو التقسيمات العرقية، التي تمزق الأمة وتخدم مشاريع الاستكبار.
العدوان الصهيوني على إيران: ضربة محسوبة تتطلب رداً حاسماً
أدان سماحة المرجع الديني الشيخ جواد الخالصي (دام ظله) الضربة الإسرائيلية الأخيرة على منشآت داخل إيران، مؤكداً أن هذه الضربة لم تكن مفاجئة، بل كانت متوقعة ومحسوبة ضمن سياق العدوان المستمر على كل من يقف بوجه المشروع الصهيوني – الأمريكي في المنطقة.
وشدد سماحته على أن هذه الضربة لن تُضعف موقف إيران المبدئي في تبني قضايا الأمة، ولا يمكن أن تؤثر على صلابة برنامجها الاستقلالي، لكنها تكشف عن مدى التواطؤ الذي يشارك فيه عملاء الداخل الذين سهّلوا عمليات الرصد أو الصد، مشدداً على أن الرد عليهم يجب أن يكون قاسياً ومزلزلاً.
وفي الوقت ذاته، اعتبر سماحته أن هذه العملية العدوانية تمثل تصعيداً خطيراً يستوجب الرد الحاسم من قوى المقاومة، ويؤكد ضرورة رفع مستوى الجهوزية والاستعداد للمواجهة الشاملة، مع الالتفات إلى أن المشروع المعادي لا يستهدف إيران لأنها "إيران"، بل لأنها باتت اليوم قوة داعمة للاستقلال والتحرر، بعد أن كانت في زمن الشاه قاعدةً محببةً للصهاينة.
وفي هذا السياق، أشار سماحته إلى أن التهديدات الإعلامية الصهيونية المتكررة، لا سيما ما يخص استهداف المفاعل النووي الإيراني، ليست سوى امتداد للعدوان العسكري، وأن هذه العربدة لا تُخيف من يعتمد على التوكل الحقيقي على الله، لكنها تستوجب الحذر واليقظة، وتفرض على الأمة أن تكون على استعداد لتوجيه الضربة القاصمة في الوقت المناسب.
كما حذر من استهتار العدو الصهيوني باختراقه المتكرر للأراضي السورية، لا سيما في منطقة بيت جن القريبة من ريف دمشق، وما يمثله ذلك من تهديد مباشر للأمن القومي العربي والإسلامي.
ودعا سماحته الجيوش العربية، وخصوصاً في مصر وسوريا والأردن، إلى تجاوز مرحلة الترقب، والتحرك الفعلي للمشاركة في الدفاع عن قضايا الأمة، مشيراً إلى أن المعارك الجارية في غزة والضفة ولبنان واليمن ليست معارك هامشية أو معزولة، بل هي تجليات مختلفة للمعركة المصيرية الكبرى التي تخوضها الأمة ضد المشروع الصهيوني – الأمريكي وأدواته.
حراك الشعوب: صوت الجماهير أقوى من أن يُقمع
أشاد المرجع الخالصي بالحراك الشعبي في الأردن وغيره، وبالقوافل البرية والبحرية التي تسعى لكسر الحصار عن غزة، داعياً إلى دعم هذه الجهود بكل قوة، وتكثيف المشاركة فيها.
كما فنّد دعايات الأعداء التي تصور الصراع على أنه طائفي، موضحاً أن النزاع بين إيران وأمريكا أو أي دولة حرة وأمريكا، فيجب ان تقف الامة مع هذه الدولة في مواجهة الخطر الامريكي الذي يمثل حكم الدجال العالمي والتحالف الصهيوني الامريكي ضد هذه الامة، فهو صراع الأمة مع قوى الدجال العالمي، وليس صراعاً شيعياً – سنياً، ولا صراعاً من أجل مصالح فئوية كما يُروّج له العملاء.
وختم خطبته بالتأكيد على ضرورة التمسك بوعي الأمة وهويتها، وتعزيز الثقة بخيار المقاومة، والثبات على طريق الحق، مهما كانت التضحيات.