في خطبة الجمعة .. المرجع الخالصي يدعو إلى موقفٍ إسلامي موحّد شامل نصرةً للأمة ورسالتها ولإيران وفلسطين
مع اقتراب أفول شهر ذي الحجة الحرام، شهر الطاعة والولاء والتوحيد، واستقبالنا لشهر محرّم الحرام، شهر الثورة والفداء، أكّد المرجع الديني المجاهد سماحة الشيخ جواد الخالصي (دام ظله) في خطبة الجمعة بتاريخ 24 ذو الحجة 1446هـ الموافق لـ20 حزيران 2025م، في مدينة الكاظمية المقدسة، على أن هذه الانتقالات الزمنية بين مواسم الطاعة والجهاد تُحمّلنا مسؤولية أعظم، وخصوصاً في ظلّ التحديات التي تعصف بالأمة الإسلامية من كل الجهات.
وقال سماحته: "إنّ من أعظم صور الوفاء للمواسم الدينية، هو ربطها بواقع الأمة ومآسيها، وتفعيل قيمها في الساحات. فشهر محرّم ليس موسماً للبكاء فقط، بل هو محطة تجديد عهد، ونداء نهوض، ومنصة مقاومة كما أرادها الإمام الحسين عليه السلام."
إدانة العدوان الصهيوني على إيران: استهدافٌ للمقاومة والأمة بأسرها
وفي معرض تناوله للمستجدات السياسية والأمنية، ندّد سماحة المرجع الخالصي بالعدوان الإسرائيلي الأخير على الجمهورية الإسلامية في إيران، مستهدفاً مواقع قيادية وعسكرية حساسة، معتبراً أن هذا العدوان ليس معزولاً عن سياق الصراع الشامل الذي تخوضه الأمة والانسانية والذي تتولى المسؤولية فيه قوى الأمة الحيّة وهي قوى الايمان والثبات والجهاد والمقاومة، بل هو مواجهة مباشرة لمخططات صهيونية تريد ضرب كل صوت حرّ وموقف شريف يقف مع فلسطين وحق الأمة.
وأضاف سماحته: "إنّ إيران اليوم تُعاقَب لأنها وقفت مع غزة، لأنها دعمت المقاومة في لبنان، لأنها احتضنت قوى الرفض في العراق واليمن وسوريا، فهل نصمت على هذه الجريمة؟ وهل نترك العدو يقرّر لنا من نُناصر ومن نُعادي؟!"
نداء إلى دول الأمة: هذا وقتُ القرار والموقف
وفي رسالة قوية إلى العالم الإسلامي، دعا سماحته تركيا، ومصر، ودول الخليج العربي إلى مغادرة مربع التردد، واتخاذ موقفٍ مشرّف يليق بحجم الأمة وتاريخها، قائلاً: "إن التاريخ لا يكتب بالأقوال، بل يُسجل بالمواقف. فهل يُعقل أن نرى إيران تتعرض للعدوان، وفلسطين تُحاصَر، ولبنان يُهدَّد، ثم نلجأ إلى الصمت أو الحياد؟! إنّ الأمة تُناديكم، وأحرار العالم يترقبون منكم موقفاً لا يخضع لحسابات الدولار والنفوذ، بل يخرج من صميم العقيدة والكرامة."
معركة الهوية ووحدة الأمة: من بغداد إلى طهران
وأكّد سماحته أنّ معركتنا اليوم ليست معركة حدودٍ أو شعارات، بل، هي معركة رسالةٍ وهوية؛ معركةٌ بين من يريد لهذه الأمة أن تبقى حرّةً عزيزةً، وبين من يسعى إلى تمزيقها وطمس هويتها. نعم، من بغداد إلى طهران، ومن غزة إلى الضاحية، تنادي الأمة أبناءها: اثبتوا واصبروا، فإنّ هذا الطريق هو طريق العزة والكرامة والنصر، بإذن الله تعالى.
تحذير أمني من الحدود الغربية: السيادة في خطر
وفي محورٍ داخلي بالغ الأهمية، حذّر سماحة الشيخ الخالصي الحكومة العراقية من تحركات خطيرة تُرصد على الحدود الغربية مع سوريا، مؤكّداً ورود معلومات تفيد بتواجد قواتٍ مشبوهة، تُخطط للدخول إلى الأراضي العراقية، أو إطلاق طائرات مسيّرة منها، بهدف زعزعة الأمن الداخلي، وبإيعاز مباشر من الكيان الصهيوني أو عملائه في الإقليم.
وشدّد سماحته على أن السيادة ليست ملفاً تفاوضياً، بل خطٌ أحمرٌ لا يُسمح بتجاوزه، مطالباً الجهات الأمنية والعسكرية بـ"أقصى درجات الحذر واليقظة، واتخاذ موقف وطني شجاع يردع المعتدين ويقطع الطريق أمام مخططات الشرّ".
خاتمة: المقاومة قدرٌ لا يُرد، والوعي سلاح الأمة الأمضى
وفي ختام الخطبة، أكّد سماحة المرجع الخالصي على الثبات في خندق الرفض والمقاومة، مُعلِناً أن المشروع الصهيوني لن يُكتب له النجاح طالما بقي في هذه الأمة من يهتف بوحدة الأمة وشرعية المقاومة.
وقال: "لن نخون رسالتنا، ولن نخون الامانة، ولن نخون الله ورسوله، وهداية الائمة (ع) وأصحاب رسول الله (ص) والائمة الصادقين الثابتين على الحق، ولهذا لن نخون العراق وشعبه، ولن نخون فلسطين ولبنان وبلاد الشام، ولن نخون ايران وثورتها الإسلامية، ولن نترك بلاد المسلمين في كل مكان، بل ولن نخون ونترك رسالتنا الانسانية تأثرا بالاستكبار ومحور الشيطان ومخططات الدجال".
وأكد "انها معركة النهوض الانساني اليوم للحفاظ على الفطرة الانسانية والكرامة الحقيقية (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) الإسراء:70".
"لن نخون فلسطين، ولن نخذل إيران، ولن نُساوم على كربلاء المعاصرة التي تُحاك ضد شعوبنا. إننا مع كل صوتٍ يعلو ضد الاستكبار، مع كل يدٍ تقاوم، مع كل أرضٍ تُدافِع عن شرفها، ومع كل ميدان تُرفع فيه راية (لا إله إلا الله) في وجه الطغاة، ومع كل ضميرٍ حيٍّ يرفض الذل والخضوع."